لم أعد أعرف أيهما أصعب و أكثر مشقة البدايات الجديدة ، أم النهايات !
لم أعد أرى طرف الخيط ، صرت مثل أنس – القط – أجرى خلف الخيط دون أن أصل إليه ، مع أنس أنا من يمسك طرف الخيط ، معى من الذى يفعل ذلك ؟ مع أنس هو يستمتع بذلك ، يلعب و يبتسم ، معى أكاد أُصاب بالجنون ، كان بديهياً إذن أن أمل كل الخيوط و أفعل مثل أنس حين يمل مماطلاتى ، أذهب إلى ركن آخر من العالم و أرفض اللعب ، أنس يدّعى ذلك كى أتوقف عن الكر و الفر فيهجم على الخيط ليمسك به فى ذكاء ، أنا لا أدّعى ، لذا صرت طوال الوقت أقف وجهى للحائط .
**
لم أعد أعرف هؤلاء الذين يفكرون و يصلون لقرارات و حلول كيف يفعلون ذلك !
رأسى تكاد تنفجر لأنها تعرف أنه يتوجب علىّ التفكير آجلاً أو عاجلاً ، حياتى تحتاج لإعادة ترتيب الأوراق و أنا وسط الفوضى عاجزة عن ممارسة اى شئ سوى صداع يلازمه شعور هائل بالتوهه و الحيرة ، أشعر – تماماً – مثل طفلة فى الثالثة من عمرها أخبروها أنها ستبدأ الاعتماد على نفسها بعد دقائق لا تكفيها لتقييم الوضع أو عمل الحسابات ، و ها هى ملزمة بتقرير مصيرها الشخصى و اختيار الطريق و السير بعيداً لفترة كى تثبت كفاءتها قبل أن تعود ، أخاف الرحيل .. لكن لا سبيل غيره للرجوع .
**
لم أعد أعرف شيئاً ، لم أعد أعرف أحداً ، بل لم أعد أعرف حتى نفسى ، فقط أنا فى كهف مظلم مجبرة على ممارسة فعل الحياة بأنفاس بطيئة لروح واهنة ينتابها شعور هائل بالخوف و المرارة ، يطاردها مارد الفشل و ما من طاقة لها للبحث عن مصدر النور .