Thursday, December 29, 2011
بحر و خُضرة و ريحة طين


طوال حياتى و أنا أُشَبِّه العلاقات بالبحر .. حيث المد و الجزر ، السحب و الطرد ، الرمال و الصخور و الشُعب اللزجة ، الدوامات و الموج العالي ، الحزن فى حضرته ، القدرة و الرغبة على البَوح أمامه ، شُبهات الحنين و فلسفة الحُضن المجازي ، المُتعة القصوى التى يمنحها و كل احتمالات الإحتواء / اللسع / الجرح / الغدر / الموت الممكنة


طوال حياتى و أنا أُشَبِّه العلاقات بالبحر .. أتذكر أول مرة توصلت لهذه العلاقة الطردية بين الحالتين كنت فى الحادية عشر ! فى البدء كنت أظن أن علاقاتى أنا هى التي تحمل هذا التشابه الغريب ، بل أننى كنت لا أصدق أى علاقة اجتماعية فى حياتى إن لم تكن تحمل بداخل رحمها جينات البحر الوراثية ، كنت أرى أن أى علاقة حقيقية لابد لها من أن تمر بكل المرتفعات و المنخفضات لتثبت أنها حقيقية لا سينمائية و لا هزلية و لا حتى أفلاطونية فيكون لها الحق فى الاستمرارية و الحياة ، أتذكر جيداً كذلك أننى اعتدت طوال الوقت تشبيه علاقاتى أو أبطالها بمفردات معينة كالبحر ، القمر ، الشمس ، الشجر ، الرمال المتحركة ، حتى أن بعض صديقاتى حظوا بتشبيهات كالبرتقال ، النون ، قوس قُزح و شهر إبريل


طوال حياتى و أنا أُشَبِّه العلاقات بالبحر .. لذلك كنت سعيدة جداً بعلاقتي بالرجل الذي أحبه ، لأنها تسير وفقاً للمخطط المتوقع و تصوري الأمثل عن العلاقات خاصة العاطفي منها ، أتذكر جيداً عندما اختلفنا لأول مرة فى فترة هى الأجمل فى حياة أى حبيبين قال لي وقتها بعد أن تصافينا : " أنا مبسوط إننا اتخانقنا في البداية .. ليه ؟ عشان ده معناه إن اللي بينّا شئ حقيقي و إننا مش بنمثل على بعض .. و إننا مش فرحانين عشان احنا في البدايات و المفروض نبقى فرحانين ! و معنى إننا على طبيعتنا طول الوقت ، إن مفيش مجال للمفاجآت .. مفيش احتمال إن حد يشوفنا فيقول في نفسه أو للي جنبه أو حتى يجي في باله من غير ما يحس ، فكرة دول مش مبسوطين زي ما هو باين عليهم "


طوال حياتى و أنا أُشَبِّه العلاقات بالبحر .. لكني معه – مع الحب و الوقت – عرفت تشبيهاً آخر أكثر إمتاعاً و آماناً – رغم عشقي الأبدي للبحر و عشقه الدائم ل اللون الأزرق - نعم .. صارت علاقتنا كالأرض فى صلابتها و ثباتها و اتساعها الفسيح ، مُرتديةً ثوباً على حَمَّالته اليُسرى زهرة ياسمين ، لونه أخضر حيث كل الاحتمالات العظيمة الممكنة و أحلامنا التى تنتظر الغد بفارغ الصبر ، مُتعطرةً برائحة الطمى حيث سر الخلق الأول


طوال حياتى و أنا أُشَبِّه العلاقات بالبحر .. لكنى الآن صرت أؤمن أن " طَور البحر " حيث الموج الهائج و الحزن الممزوج بالغموض و المتعة هو المرحلة الأولى فقط و من ثَمَّ يتم الانتقال - فى وجود الحب كعامل مُحَّفز على الخروج من الشرنقة – إلى " طَور الأرض " حيث الاتزان و الاستقرار و الشعور بالرجوع للفِطرة لأصل الحياة .. تُرى ماذا عساه أن يكون " الطَور الجديد " ؟



 
posted by Yasmine Adel Fouad at 9:34 PM | Permalink |