Tuesday, November 15, 2011
صغيرى الكبير

صغيرى الكبير ..

ها أنت أخيراً جئت .. مرحباً بك فى هذا العالم الغريب المليء بالأسرار و الأشرار ، لم أكن أعرف أننى عشت العمر كله أنتظرك إلا بعد أن نظرت فى عينيك . يالله .. هل يعقُل أننى من قضيت عمرى كله لا أشعر بالإنتماء أجد أخيراً وطنى الذى أنتمى إليه داخل كفك الصغير !؟

كم كنت حمقاء و أنا أؤجل لقائنا يوماً بعد يوم ، بل و أعلن للجميع بمنتهى الفُجر أننى دونك أفضل !؟ و الآن بعد أن أهداك الله لى أعض بنان الندم على أننى لم أسع للقاءك بشغف و لهفة ، عن جد لا أفهم كيف لم أتعجّل هذه اللحظة التاريخية من قبل !؟


أيا طفلى الوليد ..

قبل مولدك حدث الكثير و الكثير ، كانت لي حياة حافلة .. أقصد مشروع حياة ، و الآن بعد أن جئت أنت عرفت كيف يُمكن للمرء أن يُبعث من جديد ، أنا من لم ترَ فى الأطفال شيئاً أكثر من كونهم مخلوقات صغيرة أرى فيك العالم أجمع ، أنا من ظنّت أنها ستظل تحب والدك أكثر من أى شئ / شخص فى الكون صِرت أسيرة وجودك حتى و لو لم تكن تعي أياً مما يدور حولك . أنا من كان يُخيفها هاجس الوحدة من وقت لآخر عرفت أخيراً معنى الونس الدائم و الإطمئنان ، نعم أن لك أماً لكنك كذلك صرت لي سَنَداً طول العمر .


طفلي الحبيب ..

سأصدقك القول .. قبل مولدك كنت أتمنى أن تكون طفلتى الأولى بنتاً أُورثها كل طقوسى و جنونى ، أُمارس معها فنون الألوان و الشِعر ، و لكن .. قبل قدومك بفترة وجيزة بشّرتنى عرّافتى المفضلة أننى سأنجب ذكراً تتبعه فتاتان ، أُسقط بقلبى وقتها لكنى اليوم أعرف كم كنت مخطئة و أنا أظن أننى قد أحظى بخيارات أفضل ، آآآآآه و ألف آآآه لو أننى علمت ، لرُبما كنت استقبلتك استقبالاً حافلاً أكبر من هذا إذن .

ها أنا .. أنظر إليك نائماً فوق صدرى آمناً سالماً و أُفكر كيف يُمكن لى أن أجعل من الدنيا مكاناً يصلح لك ! كيف يُمكن لى أن أُسَلِّحك بالمبادئ ، الأخلاق و الإنسانيات دون أن يَسلُبك العالم كل ما سأقدّمه من أجلك أو يهدم كل ما سنبنيه معاً ! أُفكر و أُفكر و أُفكر و لا إجابات ، فيزداد خوفى و تتأجج حيرتى و لا يسعنى سوى أن أحتضنك بشدة رُبما أخبّئك داخل قلبى و لو قليلاً من كل شرور الكون .

 
posted by Yasmine Adel Fouad at 2:51 PM | Permalink |