بعض البيوت تدعو للحزن و الوحدة و من ثمّ الانعزال عن الجماهير، بعض الأشياء تحث على البكاء حتى و إن لم يكن هناك ما يستدعى ذلك ، و بعض المواقف تُحيى داخلنا مارد القرارات الحاسمة من حيث لا ندرى ولا نحتسب ، وها أنا وسط تلك الألغام أسلك طريقى ، مهرولة ، حيث كل شئ يُضفى على قلبى حواجز أسمنتية منيعة ليفصل بينى و بين العالم مسافات
على هامش ذاكرته أجلس بصورتى و حكاياتى و أحلامى ، حافية إلا من هواجس تؤرقنى للغاية و أفكار رمادية تحتل كل ما تبقى داخلى ، وحدى انظر حولى و ما من شئ عاد يُشبهنى أو يُشبهه ، رأسه مملوء حتى الحافة بأشياء عديدة أقل أهمية منى ، أما قلبه فمسكون بأشباح و خيالات أنا – بالكاد - واحدة منها لا أكثر و لا أقل ، و رأسى لا تشغله سوى فكرتيّ : " كيف و متى سأتركه !! " ، أما قلبى فمسكين صار عليه أن يُسرع و ينجو بنفسه قبل الموت
كل شئ كان يلوّح بالرحيل و هكذا كان بديهياً أن أبدأ مراسم الفراق ، و حرصاً على أن تكون النهاية حاسمة كان لابد لنا من أن نتصرف ككل معطوبى الحب و نتخلى عما يسمونه " نضجاً عاطفياً " لتتقطع كل سلاسل الود ، و تنفرط كل حبات العشم المتوقعة ، فنصير – تماماً – غريبين لن يفكرا أبداً فى اقتسام تحية الصباح ، كأننا لم نكن يوماً عاشقين توهموا أنهم أكثر الأحبة انسجاماً