Thursday, April 05, 2007
اعترافات بين قوسين من حُــمّــى

منذ بدأت تسجيل أولى مخطوطات ذاكرتى و أنا أحرص دوماً أن أذكر تاريخ الأحداث . ربما لأننى أدرك أن وحده التاريخ الأقدم مهما بلغت هامشية أحداثه يبقى كلما ازداد بُعداً ذى هالة قدسية غير قابلة للنقاش . و اليوم . التاسع بعد الألف . الموافق منتصف ذاكرتى ذات التعاريج الغير ممحاة . أقف أمام لوحة . تحتلها \ تسكنها أناث عنكبوت مطاطية تنسج ببطء متقن و مقصود خيوطها أثواباً رماديةً حول أجساد أناث أحلام مسكونة تنتفض بكبرياء حقيقى رافضةً أن تستغيث . و انا هنا بين هذا الحشد من الأناث أُصر على البقاء صامتةً أمام تلك اللوحة التى تعكس مرايا العمر . انتظر قدوم المساء متى أكون عاريةً إلا قليلاً . أسير ككل ليلة . أتحسس نتوءات الجدران . أذيال القضبان . و هامات البشر . أتعقب آثار خطوات غير مرئية آملةً - أضعف الإيمان - أن تمتزج آثار يدى بآثار يد سبقتها يوماً لنفس المكان لعلنى أجد بين ثنايا الأتربة وعد يقينى حُمّى الشقاء .
.
.
بنت الرواية
تُعلن لصفحاتها البكماء \ البكر
أنها : تشتهى وقع أقدام شهريارها
تُدمن رائحة اقترابه
يُدوخّها مذاق مسامه المالحة
لكنها تخشى أن تخبره - هو - بذلك
فيُعاقبها بسيّاف واقعها المهزوم
.
.
يوم جديد هكذا يُسمّى القدر صباحاته المًكررة و امسياته الجرداء . يُدهشنى أن تتواكب نوبات العشق و الاحتراق بجوفى بتلك السلاسة المُستفزة . يّدهشنى أكثر احترافى للأسر و التحرر بالقدر ذاته . مايقذفّنى على أعتاب سؤال ساذج إذا ما كان ذلك عدالة قدر أم مجرد سوء توزيع . أُجيبنى بجملة واحدة " لا مخاض دون ألم " . " لا مخاض دون ألم " كان ذلك أحد خمسة أسباب منطقية \ فلسفية اعتدت أن أُرددها دوماً - حتى العشرين من عمرى - فى وجه المذهولين تجاه اتخاذى قرارى الحاسم أو شرطى السخيف بعدم الإنجاب إذا ما قُدّر لى الزواج . غير أن سبب ما - لا يمت لهاجس الأمومة بصلة - اقتحمنى فجأة على كبر . ما جعلنى أتنازل - بمحض إرادتى - عن قرار مازلت أنا مؤمنةً بأسبابه . قرار لازمنى عمر بأكمله يوم كنت مشتتةً بين كفّى عشرين ربيعاً . و اليوم و أنا أكثر تشتيتاً بين المزيد من الكفوف أعى أننى قضيت لحظاتى الحياتية - دون إدراك - أسير حافيةً فوق جسر من زجاج المُخاض المكسور . أنزف و بشدة مع ميلاد بنات أفكارى الخاصة . أفكار بعضها جاء مُشوّهاً . بعضها مات صغيراً . و قليل منها الذى استطاع أن يبقى على قيد الحياة . و ها انا تُمزّقنى كل لحظة آلام الوضع . إلا أننى و رغم كل شئ - رُبما يحركنى شبح الأمومة المفقود - أرفض أن أخوض محارم الإجهاض .
.
.
بنت الرواية
تحلم بقارب زهرى
- ما يُشعرها بسذاجتها حتى فى الحلم الموصوف -
تراه فى منتصف بحر أرجوانى
فى حين تقف هى خلف نافذة الموج
مرتديةً خيوط من برد
و أخرى من حنين
فتغُمض عينيها
تحرر شعرها قليلاً
و تعبر أسوار المجهول
 
posted by Yasmine Adel Fouad at 1:02 PM | Permalink |