نـــحــنُ .. أهل الشاطئ الآخر
نحن أهل الشاطئ الآخر
بشر يتعذر الوصول إليهم
مع أنهم قريبون مرئيون
ليس لأجسادنا حدود ثابتة
لم يبق فى وجوهنا غير النظر
فنحن مطرودون من نفوسنا
ممنوعون من الإقامة فى بلادنا الحقيقية
*
*
من منا ليس من أهل الشاطئ الآخر ؟
إذا كنت أنا من أهل شاطئ ما بعينه أليس هذا بالبديهة يجعل كل من هم ليسوا معى من شواطئ أخرى تخصهم - هم الآخرين - وحدهم ، فما الذى يجعلنى مميزة عنهم إذن ؟
كل امرء منّا يرى نفسه وسط بوتقة ليست بالضرورة فريدة لكنها مختلفة عن تلك يعتنقها كل البقية الباقية فلماذا لا نستوعب اختلافاتنا و نحيا معها بمنتهى البساطة المطلقة دون أن نحاول أن نسحب أيدى الآخرين إلى مداراتنا الخاصة ، .. فلكنا الشخصى .. طالما أنهم مؤمنون بمساراتهم و مصدقون لكل ما هم له فاعلين و لا نلمس منهم أى محاولات يقتنصونها للإضرار بمفهومنا للحياة أو خدش قناعاتنا الخاصة ؟
لا اعتقد أن الحل هو أن نُجبر أنفسنا على أن ننسجم كلنا داخل نفس الإطار و نفس الحدود مقلصين من فرصنا فى الحياة مضحيين بفرص النجاة على شواطئ لا حصر لها من أجل شاطئ وحيد لن يسعنا و لن نستوعبه إذا كلنا سلكناه فى نفس الوقت ، نعم ربما نظهر بعيدين عن بعضنا كل فى طريقه لكننا مرئيين نرى بعضنا و نلوّح ، نعم لا حدود ثابتة لدواخلنا لكننا مازلنا قادرين على الرؤية الأكثر شمولاً فنُكمّل بعضنا ، لا نأمل سوى فى أن نعود و نقيم فى بلادنا .. موطننا الأصلى .. محرابنا المنير حتى و إن كان هذا المحراب بعيد
***
نحن أهل الشاطئ الآخر
دمنا يتحدى الزمن
لا يد تقدر أن تمحونا
فكل ما يُسكر النفوس
أو يبعث فيها النشوة
تَوَلَّـد من حركاتنا
*
*
أعرف أن فصيلة دمى تختلف عن فصيلة دمك لكننى أُصر على أن نحيا معاً قادرين على أن يمتزج دمنا دون أن يُصاب أياً منّا بالتسمم لا أريد أن أخسرك فهل تخسرنى أنت ؟
كل له فصيلة دمه التى تقبل أن تأخذ أو تمنح آخرين ، البعض لا يعطى أحداً ، البعض يأخذ من الجميع ما يبقى لنا هو إيماننا أن دمنا يتحدى الزمان ، ندافع عنه بكل جهدنا ، نرفض أن يجرحنا أحد ، لا نحبذ فكرة أن يسيل دمنا المُسكر إلا إذا كان نزفنا هو آخر وسيلة لترك آثار تدل على أننا مررنا من هنا يوماً ننقش من خلال خطواتنا و حركاتنا المستميتة طريقاً سيمر به آخرون هذا هو وحده الأمر الذى قد يبعث فينا نشوة نعرف أنها وحدها ستُخلّد لنا ذكرانا
***
نحن أهل الشاطئ الآخر
سجناء مرآتنا الخاصة
يسير رمل الزمن بين أصابعنا
لم نرد أن نستسلم للأحلام
لم نرد أن نؤمن بالأوهام
بعد أن اكتسبت قلوبنا
*
*
أتُرى مرآتنا دوماً تعكس لنا صوراً حقيقية ؟
طفلةً اعتدت أن أحب " بيت جحا " ، فى الملاهى كنت أقف أمام كل مرآة لتطالعنى صورة جديدة لى ، مختلفة و تشبهنى غير أننى أعرف - عن يقين - أننى لست هى ، ربما لذلك لم أعد مؤمنة - بنفس القدر - بنظرية المرايا التى يتبناها سائر البشر ، لم أعد أدافع عن كل ما تمنحه لى قطعة من زجاج غير قادرة - هى - - فى الأصل - على حماية نفسها ، أؤمن أن المرايا هنا بداخلى أنا لكنها - عن صدق - تمنحنى صورة لا ترسمها هى بنفسها ، صورة أنا من أنجبت معظمها تاركة للبعض مشاركتى فى تحديد رتوش قليلة منها و البعض الآخر فى رسم ملامح الإجهاض .. لكننى لا أكذب .. نعم اعتدت أن أخبرنى الحقيقة ، أخبرونى أن الصدق مُنجّى فلماذا لم يسامحوننى عندما أخبرتهم كل الحقيقة ؟
الوقت يمر .. أريد أن أستغله كله .. أريد أن أكون سعيدة هذا حقى ، كلنا نريد ذلك حتى و إن اختلفت الخطة الموضوعة على ورق أو بين جنبى طريق ، كل له أسلوبه غير أنه للأسف صوت الآلهة و لوح تجاربى يُخبرانى أن بعضنا فقط ينجح ، بعضنا يفشل ، و البعض الآخر يُقرر أن يحاول من جديد ، نجوت أنا من وهم الإلزام أتُرى إيمانى بحقيقة أنه لا من شئ مطلق رافضة أن استسلم لأحلام لا تنتهى لكنها تموت إكلينيكياً أوقعنى هو نفسه فى فخ أفكار اكتسبت مطلقها من اللامطلق ؟
رُبما
***
للتحميل
" الشاطئ الآخر "
كلمات
دميترس أناليس
غناء
كاميليا جبران