Saturday, April 26, 2008
احتمــــالات للفقـــد
غريبة هى الحال .. جميعنا نملك أسئلة كثيرة مجهولة النسب ، عاصية على الإجابات غير أن الناس دون أن تدرى وجدت لها منفذاً بل و الأهم من ذلك أنهم صدقوا تلك الإجابات المُختلقة التى لا تخضع لمنطق حقيقى نابع عن فكر منظم يتحدى أى تغيّر ف الكون بل لمجرد نظرية ضعيفة لا تعكس سوى رغبة المرء فى طمئنة نفسه أن كل شرور العالم لا يمكن لها أن تطوله
فص زمرد
فص ياقوت
جرح يعلّم
جرح يفوت
سر الدنيا
سحر الدنيا
ناس ف شوارع
ناس ف بيوت
حاول مرة أن تسأل أحدهم عن تخيله وقع تخلى حبيبه عنه مستقبلاً ستجده يؤكد استحالة وقوع مثل هذه الجريمة الشنعاء كما لو أن كل الأحبة هؤلاء من تفرقوا قبلاً كانوا مدركين أنهم عابرون يوماً لهذا المفترق ، أو أن هؤلاء من قتلوا أحبائهم كانوا ينوون ذلك منذ البدء . اسأل شخصاً آخر عن فكرة انفصاله عن أصدقائه المقربين ستصدمك سرعة رده بأن هذا الفكرة غير واردة على الإطلاق ، لتتأكد من نظريتى تحدث مع أحدهم عن مسألة الفقد عبر الموت كعادة الغالبية العظمى لن يناقشك ف الأمر سيكتفى فقط بترديد كلمتى " بعد الشر " كما لو أن إيمانه بالكلمتين قادر فى ذاته على إبعاد شبح الموت عنه للأبد
حلم بينده
حلم كبير
و لا يوم تخلص الأحلام
فص زمرد
فص ياقوت
و إحنا بنجرى مع الأيام

تخيل معى مثلاً أنك فى إحدى وسائل المواصلات فجأة يحدث شجار بين السائق و رجل من الطريق فإذا برجل الطريق يخرج شيئاً معدنياً فيهشم سيارة السائق فى الاتجاه الذى تجلس به ثم يبدأ إلقاء تلك الأجسام الحادة فى اتجاهك فتخرج ركضاً دون أن تستوعب كيف مازلت قادراً على أخذ أنفاسك ، مذهولاً من نجاتك و بقاءك على قيد الحياة . أو تخيل أنك - بعد الحادثة الأولى بيومين - مع أحدهم ف السيارة و ما أن تغادر بدقائق معدودة حتى يهاتفك و يقول " أنا كنت هموت حالاً ، بس اتكتبلى عمر جديد لإن لو أى حد كان شاف الحادثة اللى كانت هتحصللى كان هيقول إنى لازم أكون ميت لا محالة " ، يمكنك كذلك أن تفكر كيف سيبدو الموقف إذا هاتفت أحدهم - فى نفس الأسبوع - لتطمئن على صحته لأنك سمعت أنه يعانى من أزمة ما بالصدر ناتجة عن ضيق تنفس حدث بالصدفة فإذا بأحد أقاربه يخبرك أنه يعانى من قصور بالشريان التاجى + دخول فى مرحلة متقدمة من الفشل الكلوى + ما يعانى منه منذ البدء من سكر و ضغط و أمراض أخرى بل و لا يكتفى بذلك بل يخبرك أن من تسأل عنه يبدو تماماً ككل الموتى - من كنت تعرفهم - فى أيامهم الأخيرة ، إن عجزت عن فهم ما أشير إليه حاول أن تستدعى موقفاً سأقصه عليك .. تخيل أنك الآن تحادث أقرب الناس إليك هاتفياً و فجأة يلقى بالسماعة من يده ثم يبدأ ف الصراخ بمنتهى العنف و بكل ما ينبض داخله من حب للحياة بينما أنت تقف فى الجهة الأخرى من العالم لا تعرف ماذا تفعل ، تردد اسم من تهاتفه بهيستريا ، تملأ عينيك الدموع بكثافة و سرعة منقطعة النظير ، تحاول تخمين ما يحدث ، كل ما يجول بذهنك قاتل و مرعب فى حد ذاته ، تبدأ فى منتهى السذاجة طمئنة نفسك قائلاً طالما أنه مازال يصرخ فإن هذا يعنى على الأقل أنه على قيد الحياة ما هو فى موقف كهذا نعمة عظيمة فى حد ذاتها ، تغادر مكانك و تتجه فوراً نحو من كنت تخابره ، فقط تردد " اللهم إنى لا أسألك رد القضاء و لكن أسألك اللطف فيه " تحاول تمالك أعصابك فلا ترى ف الفضاء سوى كلمتى " احتمالات للفقد " .. فلا تمحوها
مرة حقيقة
و مرة خيال
ممكن مرة
و مرة مُحال
و لسه ليالى ألف ليلة
و لسه بنجرى مع الأحلام
لا تملك فى وقت كهذا سوى استدعاء أشباح كل من رحلوا ، أجساد كل من هم مازالوا قائمين بحياتك ، تحاول أن تخبرهم أنهم لطالما كانوا بل و ربما مازالوا يعنون لك أشياء كثيرة ، تخبرهم أن الفراق لا يعنى بالضرورة اجترار المرارات أو تبادل طلقات نارية لا تقتل لكنها تصيب الجميع بتشوهات لا داعى لها ، تفكر أن عليك أن تخبر كل من تحبهم بانفعالاتك و مشاعرك نحوهم فى وقتها قبل أن يصبح الوقت لا يجوز ، قيل" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً و اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً " و ها أنا أقول " اخبر هؤلاء من تحبهم كل ما يدور داخلك دون التحجج بمعتقدات مجتمعات زائفة أو أفكار صماء عند الفقد لن تحميك "
مرة البحر إن عاز يدينا
مرة بياخد أغلى مالينا
و لا نملكش إلا الدمعة
دمعة حزينة من غير صوت
اغلق هذه الصفحة و اذهب لتعلن لكل من تحبهم أنك تهتم حقاً لأمرهم حتى و لو لم تُتح لك فرصة البقاء معهم فترات أطول أو لم توضح لهم حقيقة مشاعرك كما ينبغى .. اشكر كذلك كل من مروا بحياتك على تواجدهم .. و ادع الله أن تكون قادراً على استثمار وقتك مع من هم بحياتك الاستثمار الأمثل .. كذلك سأفعل أنا
على الهامش
اللون البنفسجى = أغنية من فيلم صياد اليمام
 
posted by Yasmine Adel Fouad at 7:51 AM | Permalink |