أنتم أيها الأطفال كذلك مثل البصلة , مهمتكم فى الحياة أن تُقَشَّروا و لكن لأن طبيعتكم غير طبيعة البصل , تستدعى تلك العملية فى حالتكم الكثير من العنف و الألم . تظل كل طبقة من طبقات كيانكم مجلوّة لامعة تستدعى ناراً حاميةً لإزالتها عن سطح الطبقة التى تليها . فى نهاية الأمر لا يتبقى منكم شئ . و كل المطلوب منكم هو أن تنتبهوا . و كلما جاء انتباهكم مبكراً كلما صار وجودكم فى الطبقة التى تحيونها وجوداً زاهياً مشرقاً , قوياً و نشيطاً . و عليكم احتمال نار الكواء التى تصاحب إزالة طبقة لتظهر من تحتها الطبقة الجديدة لوجودكم .. هذا هو الجحيم
ألم الكلمات هو النار التى تحرق سطح القشرة المجلوة لتظهر القشرة التى تليها و هى المؤشر و المنبه إلى اقتراب لحظة الصعود التالية إلى الدرجة التالية فى الشكل الحلزونى الكبير . نفس الكلمات فى أوقات مغايرة لا تؤثّر . هناك إذن عامل آخر يتدخّل فى قدرة تأثير الكلمات فى وقت دون آخر . لابد ان نضجاً ما ينبع من داخل البصلة يجعل الكلمات تقوم بمهمتها فى التخلص من القشرة التى تكلّست حتى تظهر الطبقة التى تليها
ماذا يحدث عندما نُصر على الاحتفاظ بالبصل فى الأرض أطول مما يجب ؟ و لا نعرّضه فى الوقت المناسب للشمس و الهواء ؟ يعطب البصل و يتعفن . يصبح غير قابل للتقشير . يفقد خاصيته التى جُبل عليها . و تكون حجتنا دائماً أن الأوان لم يأت , أو أن هذه البصلة أو تلك أضعف من أن تحتمل قسوة الشمس , و عدم اكتراث الهواء
" من رواية "
( أوراق النرجس )
بقلم
" سمية رمضان "