Sunday, March 11, 2007
مازلت لم أفرغ بعد

أى سخافة هى تلك
!!
فها أنت بعد ان توهمت أنك أفرغت جوفك تماماً من كل تلك المرارات المرتزقة \ الملتصقة . أغلقت نافذة متوسطة الحجم . و جلست لتتنفس بعض من هواء نظيف إلا أنك و للعجب تكتشف بشدة أنك مازلت ممتلئاً حتى الثمالة بمزيد من الخزعبلات ثلاثية الأبعاد
.
.
اعتدت دوماً أن تظن نفسك مميزاً عن أخريات مبعث مأساتهم هاجس النحافة .. ما لا تفكر انت به بكثرة - ربما لأنك نحيفاً من الأساس- لكنك اليوم فقط تكتشف مدى تشابهكم . فهن يضعن أصابعهن بأفواههن ليفرغن أطعمة حمقاء دخلت جوفهن فى حين أنت تضع صليباً داخل روحك لتخرج أفكاراً سخيفة تتزاحم داخلك بشكل لم يعد محتمل
مازال يملأ رأسك الشك .. يزداد داخلك. ما يجعلك تشعر باقتراب الميعاد فخاتمة هذا الأمرالمشكوك إما أن تصل لليقين التام أو أن يؤول مسعاك لراحة من نوع آخر حين يُجهض اليقين تماماً و تلمس بأناملك الصغيرة جدار اليأس و كلتاهما نهاية منطقية أفضل من التصاعد الدرامى لأحداث ليست على المستوى المطلوب
.
.
أشد ما يذهلك هو ذلك التساءل بأعماقك لماذا لم تفرغ بعد ؟
فتجد الجواب فى نفس الرواية غريبة الأطوار تلك
.
.
" كنت أحسب وهماً أننا يمكن ان نتخلص من تراكماتنا و لم يكن فى الحسبان أن تلك التراكمات هى الأخرى ستدافع عن نفسها و اختلط الأمر علىّ . كنت اعتقد أنه يكفى أن يبدأ الكائن صراعه مع نفسه للتحرر من إرثه القديم . لكى يتغير هو . و ربما لكى يتغير العالم . لكن وقائع هذا النشاط الملغوم غالباً ما أثبتت العكس و العكس دائماً هو الصحيح . فالتحرر مثل العبودية لا يمكن ان يكون إلا شاملاً " خليل النعيمى
.
.
تعلم ان كل الأسباب التى أطاحت بسكونك الحقيقى نحو سكون أجوف أسباب ليست تافهة لكنها تبقى إحقاقاً للحق تهمك إنما بسيطة . ما يجعلك تمكث وقتاً اطول فى حالة المشاهدة تلك . تستمتع بالوضع . لا يتطلب منك الامر سوى بعض المشاهدة مع قليل من الحيادية و بقايا سكون ..
ان تجلس خلف ستار حياتك تتأمل أحوالك الحالية أمر بعض منه هروب . بعض منه استسلام . بعض منه تريث و دراسة للأمر . و بعض منه رغبة حقيقية يائسة فى السكينة . فأنت مازلت موقن ان كل الأسباب مجتمعة فى ظروف اخرى لم تكن لتشكل لك أدنى اهمية . إلا أن تآمر ما تقرأه ضدك يصيبك بالغثيان




عجيب أن تقرأ رواية تبدأ بانتحار البطلة و يترتب بعد ذلك كشف الأحداث و مراجعتها لحياتها و خنوعها تجاه ذاتها ما اودى بها مسبقاً للانتحار ما يصيبك بالتوتر إلا ان هدف الرواية فى النهاية بأنه كى تحيا حقيقة لابد لك من ان تحب الحياة يقلل من تصورك للاكتئاب الذى قد تخلفه الرواية . ثم يدهشك كشف ما ان الرواية التى قرأتها بعد ذلك تبدأ هى الاخرى بانتحار البطل ثم يبدأ بعد ذلك السرد ما هو عبارة عن جلد البطل لذاته إلى أن تصل به مبارزته لأعماقه بالانتحار فى صورة فلسفية عميقة تحتم عليك الاستمرار فى القراءة ... شحنات سلبية لا حصر لها تأتيك من كتب ما يجعلك تتصور مبدأيا أن ذلك الكتاب لميلان كونديرا ما تقرر ان تبدأ قرائته فى الليل اليوم ربما يكمل هو الآخر مثلث الشجن هذا
.
.
يزعجك كذلك تقطع نومك بصورة مستفزة . ما يجعلك مستثاراً بشكل مستمر . تنام 5 ساعات فتستيقظ خلالها ما يقرب من سبع مرات . و عندما تستيقظ فى الصباح تتذكر أنك قد حلمت نفس الحلم السئ الذى يأتيك من وقت لآخر .. تحاول إقناع ذاتك ان ذلك لم يكن سوى وهم .. تضلل نفسك بكل الوسائل الممكنة لكنك تفشل فى النهاية حين تتذكر تفاصيل الحلم الدقيقة . و حين تستيقظ مدركاً أنك قد سبحت ليلتها فى حلم بض أملس تحزن لمذاق يأتيك يخبرك ان الظمأ أبدا لا ينتهى و ان الارتواء ليس بالضرورة كُتب عليك ان تلاقيه . ما يجعلك يومياً لا تملك سوى أن تغتسل و تضع على وجهك بعض من رتوش لا تجملاً إنما كذاباً لتوهم الآخرين بأنك فى أحسن احوالك . ربما لأن ليس الكل يعلم انك لا تتجمل سوى حين تكون فى قمة السعادة او قمة الحزن
.
.
فجأة تسمع صراخ الأفكار داخلك . كل يستغيث كى يرى النور . يحاربون بعضهم كى يلتقطوا أنفاس غير تلك المعبئة بتبغ المواجع . كل منهم يحاول إقناعك بأحقيته فى الخروج أولاً للسطح . و لأنك مازلت شاهداً تحاول ان تكون حيادياً قدر الإمكان . تخبرهم أن جميعهم تم الاقرار بإطلاق سراحهم فقط فليتفقوا معاً . لا تطلب أنت سوى بعض التنظيم . فيزداد ضجيج خلافهم . ما يجعلك تعلن أحقيتك انت أن تكتب عن وقوعك وسط هذا الصداع النصفى عبر أفكار لا روح لها . أفكار لم تزدك سوى حنيناً . صمتاً . و شعوراً بأنك فى مكان ما بأعماقك توقن انك سعيداً غير ان الملل يثبط همتك . و يبعدك عن البحث بين الحطام عن لآلئ مازالت بداخلك و حولك
.
.
يوجعك شعور تملكك و أخبرك أنك لا تملك سوى ان تصمت . فأنت تأبى مصارحة احدهم انك تعانى من رتابة وقت لا جديد فيه . او أنك تعانى من لا شئ . و أن كل ما يقلق راحتك ليس سوى صدى دقات الوحدة \ الخوف \ الرتابة .. و ربما فوبيا الحرية او الامتلاك .. نقيضان لكنك تخشاهم معاً . تحاول ان تقنع ذاتك انك تحتمل كل ذلك مؤقتاً . و بعد ان تحتمى بعامل الوقت تجد نفس الرواية المتآمرة مع ذاتك ضدك تخبرك أنك واهم لا محالة
.
.
" كنت اعتقد دائماً أننى أستحق الأفضل ممن \ مما عندى .و كنت أقبل مؤقتاً بمن \ بما هو أقل . كنت اتصور أن قواعد اللعبة تستقيم إذا أخذ الأفضل مكانه الطبيعى . يوما ما فى حياتى .و لم أكن أدرك بعد أن خطورة المؤقت لا خطره فحسب هو ان يدوم. و هو بدوامه يبدع فضاءه المستقل و يؤسس تاريخه الخاص و أن اللعبة البسيطة المؤقت \ الدائم هى فى الحقيقة أساس لعبة الحياة المعقدة . خليل النعيمى
.
.
أى مؤامرة هى تلك ليست السطور التى تكتبها وحدها ما تتحد ضدك إذن بل ما تقرؤه أيضاً
.
.
خاطر ما يطرأ على ذهنك الشارد . تمسك مذكراتك و تبدأ فى حساب الزمن الفاصل بين فترات القاع و فترات القمة التى تمر بها .. يرعبك ان الفترات الزمنية صارت تتقارب . فى الوقت الذى تطول فيه فترة السقوط . ما يصيبك بالخرس فلا تجد حديثاً برأسك . و لا يتردد داخلك سوى جملة من أغنية ما تظل ترددها بحماقة و لا وعى
" هذا انا ما أقدر أكون غيرى انا "
ثم تبتسم ابتسامة شاردة تخبرك أنك قد لامست القاع بضمير تلك المرة .. إذن لقد اقترب ميعاد العودة نحو القمة . ..ربما ليس الآن .. لكنك لا ترى نفسك ضعيفاً فقط انت تمارس حقك فى المشاهدة . و ميعاد التنفيذ لا يصلح ان يكون فى منتصف العرض .. كل الانتظار إذن أن ينتهى العرض لتُسدل الستار
.
.
كل المعذرة إن كنت قد نقلت بعض الشحنات السلبية لأى مار هنا
هى لحظة كشف أحببت ان أصيغها بكل جوارحى
ليس أكثر و لا أقل
 
posted by Yasmine Adel Fouad at 7:17 AM | Permalink |